قصيدة الشريد

علي هاشم رشيد يحكي قصة شعبه مع الإحتلال

يصور الشاعر الفلسطيني على هاشم رشيد في قصيدته (الشريد) ما يعتد به والشعب الفلسطيني من معاناة والم وتساؤل لم لا يكون في الشعوب الاخرى يعيش حياة كريمة حرة ينشر الود والحق والسلام في موطنه الحبيب (فلسطين).

ويصف الشاعر الفلسطيني على هاشم رشيد كيف كنت حياته وحياة شعبه قبل النكبة، وكيف اصبحت بعد النكبة وكيف يعاني من تشرد وبؤس وحرمان بلا انيس او معين.

يسطر الشاعر الفلسطيني على هاشم رشيد شدة حنيته ولوعته واصراره على العودة متسلحا بأيمانه واثقا ببزوغ فجره، املا بجيش قوي عارم لجب صمودا قائده ورائده الى يافا (جمال) (الزعيم جمال عبد الناصر).

القصيدة بصوت الشاعر

أغنية الشريد

القصيدة

لِمَ لا أَعيشُ بِمَوْطِني في ظِلِّ أَجْنِحَةِ السَّلامْ
وإلامَ أبحثُ عَنْ غَدِى جَلْداً فَيَصْدِمُني الظَّلامْ
وعلامَ أَقْضي العُمْرَ مَقْهوراً بهاتيكَ الخِيامْ
أَنا إِن حَقَدْتُ وَثُرْتُ مِنْ حِقْدي فإِنّ لا أُلامْ
أنَا يا أَخي الإِنسانُ مِثْلُكَ كانَ لي وَطَنٌ حَبيبْ
قَدْ كُنْتُ فيهِ أَعيشُ في رَغَدٍ وفي عَيْشٍ رَحيبْ
وبهِ الحَدائقُ والجبالُ الشُّمُّ والـمَرْجُ الـخَصيبْ
وبهِ الأَمانيُّ العِذابُ وَشَمْسُ عِزٍّ لا تَغيبْ
أَنَا يا أَخِي الإِنسانُ مِنْ حَقّي بأَنْ أَقْضِي الحياهْ
حُرّاً كَما تَحْيا وَيَحْيا النَّاسُ في ظِلِّ الإِلهْ
في مَوْطِني أَلْقاكَ بالبُشْرَى وَتَسْعَدُ بي رُباهْ
وَأَبُثَّكَ الحُبَّ الذي ما كُنْتَ تَعْرِفُ لي سِواهْ
أَتُراكَ تَعْرِفُ يا أَخي الإنسانُ ما مَعْنَى الضَّياعْ
أَتُراكَ تَشْعُرُ ما أُقاسِي مِنْ شَقَاءٍ والْتِياعْ
أَنَا واثِقٌ مِنْ نُبْلِ حِسِّكَ إِنْ دعا لِلْخَيْرِ دَاعْ
فإِليكَ قِصَّةَ مَوْطِني المنْكوبِ في هَذِي البِقاعْ
كانَتْ لنَا الآمالُ والأَحْلامُ في الوَطَنِ الخَصِيبْ
مِنْ جدِّنا أَثْمارُها تَدْنُو عَلَى الغُصْنِ الرَّطيبْ
فَلْقَى الضُّيوفَ بِبِشْرِنا في بَيْتِنا السَّمْحِ الرَّحيبْ
وَنَشِيدُ في الوطنِ الحبيبِ المجدُ بالعَرَقِ الصَّبيبْ
ما كُنْتَ تَلْقَى غَيْرَ تِلميذٍ لِساحِ الدَّرْس سَائرْ
أَوْ زَارِعٍ مِنْ شَدْوِهِ غَنَّى لِغُصْنِ الدَّوْحِ طائرْ
أَوْ عامِلٍ جَلْدٍ يَشِيدُ لَنَا المعاقِلَ والعَمائر
أَوْ مُنْشِدٍ رَفَّتْ أَغانيهِ بِنَشْرٍ كالأَزَاهِرْ
والأُمَّهاتُ يَهَبْنَ أَسْبابَ الحَياةِ بَعَطْفِهِنَّهْ
يَعْمَلْنَ طُولَ اليومِ في صَبْرٍ وَيَسْهَرْنَ الدُّجُنَّهْ
يُرْضِعْنَنا مِنْ أَجْلِ خَيْرِ النَّاسِ صِرْفاً حُبَّهُنَّهْ
فَيَفُوح مِنْ أخلاقِنا السَّمْحاءِ بِشْرا عِطْرهُنَّهْ
كُنَّا مِن الزَّهْرِ النَّدِيِّ نَصُوغُ أَسْبابَ الحَياهْ
حُبَّاً لِكُلِّ الناسِ يَهْدِينا إِلى البُشْرَى سَناهْ
أَفْراحُنا تُهْدِى إِلى الرَّوْضِ النَّضِيرِ ضُحىً شَذَاهْ
وَبِشَدْوِنا غَنَّتْ طُيورٌ تُسْمِعُ الدُّنْيا صَدَاهْ
كُنَّا كَذلكَ حِينَ عاثَ بأَرْضِنا المـُسْتَعمِرونْ
وَمَضَى اليهودُ يُقَتِّلونَ وَيَذْبَحونَ وَيَفْتِكونْ
وَتَأَجَّجَتْ في أَرْضِنا نُوَبٌ سَتَرْويها السّنونْ
فِيها بِنَكْبتِنَا صَحَائفُ مِنْ سَوادٍ لِلعْيونْ
كانَ الحَمامُ يَرِفُّ في بَيْتي وَيَنْعَمُ بالهَديلْ
في غابةِ الزَّيتونِ في رَغَدٍ وفي ظِلٍّ ظَليلْ
قَتَلَ الحمَامَ وَقَطَّعَ الزَّيتونَ غَدَّارٌ دَخيلْ
وإِذا بِمَوْطِنِي الحبيبِ يَعيشُ في لَيْلٍ طَويلْ
وَغَدَوْتُ أَضْرِبُ في القِفارِ بِلا أَنيسٍ أَوْ مُعِينْ
والبَيْتُ بَيتي خَلْفَ أَسْلاكٍ مِنَ الإِفْكِ الـمُبينْ
نَفْسِي تَحِنُّ بِلَوْعَةٍ فَيَكادُ يَقْتُلُني الحَنينْ
أَسَمِعْتَ عَنْ ظُلْمٍ كَهذا الظُلْمِ في عَبْرِ السِّنينْ
أَصْبَحْتُ مَنْبوذاً تَقَاذَفُني المـَنايا والدُّهور
والسُّلُّ يَنْخَرُ في العظامِ وفي العُروقِ وفي الصُّدورْ
والجوعُ والتَّشْريدُ والحِرْمانُ أَكْوابٌ تَدُورْ
صِرْنا بُعَيْدَ العِزّ والأَمْجادِ نُدْعى اللاجئينْ
والبَعْضُ سَمَّى شَعْبنَا المـَظْلُومَ شَعْبَ النَّازِحينْ
فَمَتَى نَسِيرُ إِلى الرُّبَى الخَضْراءِ جَمْعاً عائدينْ
لِنَعودَ نَصْنَعُ لِلْحياةِ سَناً عَلى مَرِّ السِّنينْ
هِيَ يا أَخي الإِنسانُ قِصَّةُ مَوْطِنٍ لاقَى المـَظَالِمْ
هِيَ قِصَّةُ الشَّعْبِ الذّي لا يَرْتَضِي حُكْماً لِظالِمْ
هِيَ قِصَّةُ التَّشْرِيدِ والحِرْمانِ أَعْيَتْ كُلَّ عالِمْ
أَتُريدُني مِنْ بَعْدِ هذا أَنْ أُصِيخ لِلَوْمِ لائمْ
في مَوْطِني كانَ السَّلامُ وإنَّها أَرْضُ السَّلامْ
فَعَدا عَلَيْنا رَهْطُ الاسْتعمارِ مَعْ رَهْطِ اللِئامْ
وإِذا بِشَعْبي ثائرٌ صَلْدٌ جَرِئٌ لا يَنَامْ
مِنْ يَوْمِها ضَاعَ السَّلامُ فلا سَلامَ ولا وِئامْ
كانَتْ كَوارِثُ مَوْطِني شُعَلاً تُضِيءُ لَنَا السَّبيلْ
فَصَحَتْ جُموعُ العُرْبِ مِنْ إِغفاءَةِ الليلِ الطَّويلْ
وَمَضَتْ ورائدُها جمالٌ تَطْرُدُ البَاغي الدَّخيلْ
وَتَخوضُ مَعْركةَ التَّحَرُّرِ ليْسَ عَنْه لَها بَديلْ
إِنّي سأَصْنَعُ مِنْ لَهيبِ الحِقْدِ ثأْراً أَيَّ ثأْرِ
إِنّي سأَبني الوَحْدَةَ الكُبْرى فَفِيها كُلُّ نَصْري
سَيُزيلُ هذا الليلَ إِصرارِي وإِيمانٌ بِصَدْري
أَنَا مُؤْمِنٌ بِعُروبَتي أنَا واثِقٌ بِبزُوغِ فَجْري
سَنَسِيرُ يا وَطَني إِليْكَ بِزَمْجَراتٍ مِنْ نِضَالْ
وَتَرِفُّ راياتُ العُروبةِ فَوْقَ هاماتِ الرجالْ
سَنَسِيرُ جَيْشاً عارِماً لَجِباً صَموداً كالجبالْ
سَنَسِيرُ قائدُنا ورائدُنا إلى يافا جَمالْ